برزت ثقافة كايزن نتيجة لذكاء الناس ونشاطهم. من المهم وضع أنظمة لتطوير الأشخاص الذين يتحدون، ويفكرون، ويقومون بالتطوير المستمر للعمليات والمنتجات. تم في شركة تويتا تصميم النظام حول الأشخاص الذين يشاركون بشكل كبير في طريقة عمل تويوتا (ليكر ومورجان، Liker & Morgan 2006). وأوضح ساكو (1999) أن قوة نظام إنتاج تويوتا تكمن في بناء قوة عاملة يمكنها تنفيذ وتحسين مكان العمل باتباع مبادئ نظام إنتاج تويوتا بمفردها.
يعتبر كايزن الجوهر الذي يبقي النظام المرن على قيد الحياة. فهي كالقلب في جسم الإنسان. طالما أن القلب يضخ الدم، سيكون بوسع الجسم القيام بمهامه. وبالمثل، ما دامت هناك أنشطة كايزن، يمكن تحقيق الأهداف المؤسسية وتطوير القدرات الموجودة. ويمكن اعتبار الأدوات والتقنيات كالأطراف والأعضاء التي لها وظائف مختلفة. ويشبه الناس الذين يجمعون كل هذا معاً الدماغ من حيث قيامهم بتنسيق كل شيء.
يعتبر غرز ثقافة كايزن وضمان اقتناع كل موظف بالمبادئ والاقتداء بها أمرًا صعبًا. بحيث تنطوي هذه المهمة على الكثير من التحديات الصعبة لإتمامها بحيث تتطلب الكثير من الشغف والالتزام. وقد أدرك “أونو” في الأيام الأولى لتطوير نظام إنتاج شركة تويوتا أهمية القوى العاملة. وأبرز “ووماك” احتياج “أونو” إلى قوة عاملة ماهرة للغاية وشديدة التحفيز لنجاح نظام إنتاج تويوتا. وبالإضافة الى ذلك كان يتعين على العمال توقع المشاكل قبل حدوثها فعلياً، والتخطيط لإيجاد الحلول.
قد ترجع الصعوبة في اقتناع القوى العاملة بثقافة كايزن إلى نظام الإنتاج الضخم. ومن الأمثلة على مبادئ كايزن هي تمكين العُمال والعمل الموحد. فقد تظهر هذه المبادئ على أنها تقيد حرية العامل. ومن الهام التعامل مع المقاومة التي تحدث بسبب التغيير. ويمكن للإدارة التعامل معها بعدة طرق مختلفة. أولاً٬ التعليم والتواصل: بحيث تشرح الإدارة للقوى العاملة الأسباب وراء ما يجب القيام به ولماذا. ثانياً، المساهمة والمشاركة: حيث تشارك القوى العاملة في مبادرة التغيير ودفعها إلى الأمام. وتظهر الأبحاث أن المشاركة تؤدي إلى الالتزام بدلاً من الامتثال. ثالثًا، التيسير والدعم: بحيث يقوم المدراء بتطوير مهارات القوى العاملة ومساعدتهم على التكيف مع التغييرات الجديدة. (كوتر وشيلزنغر، Kotter & Schlesinger 2008)
يجب أن يكون لدى القوى العاملة بالفعل سلوكيات ثقافة كايزن أو تعديل سلوكياتها لتتناسب معها. وهذه مهمة لا تقل أهمية عن سلوكيات الإدارة. وتفيد هذه السلوكيات الشركة وتخلق مجتمع دائم التطوير. وقد تم إدراج هذه السلوكيات في الجدول أدناه.
من | إلى |
العشوائية | المنهج العلمي |
الانتقام | التدبر |
التفسير | الانسجام |
السلبية | الصبر |
النميمة | التفهم |
الاستهزاء | الاحترام |
عدم الثقة | الإخلاص |
الخداع | الانضباط |
الارتباك | الوعي الذاتي |
المصدر (إيميلياني Emiliani 1998، صفحة 623)
يعتبر حماس الموظفين هام جداً في ثقافة كايزن. ويساعد خط الإنتاج بالعمالة المرنة (إمكانية نقل العمال بين المراحل) على تعزيز حماس العمال. وينتج عن ذلك مجموعات عمل صغيرة لمناقشة العمل وإثارة الاقتراحات والقيام بدوائر مراقبة الجودة. كما أن مرونة العمل تعتبر طريقة أخرى للحفاظ على حماس العمال. ويتم تحقيق مرونة العمل من خلال التناوب في العمل، والتخصيص، وتوسيع الوظائف وإثراءها (ساروتا، Saruta 2006). وقد اتخذت شركة تويوتا خطوة أبعد من ذلك، من خلال إنشاء برامج التدريب الداخلية، وذلك من خلال بناء معهد تويوتا لتطوير الموارد البشرية (تقرير تويوتا البيئي والاجتماعي، 2005 ؛ ساروتا، Saruta 2006).
قامت شركة تويوتا بتحديد “الموارد البشرية على شكل حرف T” للإداريين والوظائف الهندسية (الموظفون المهنيون). بحيث يمثل الخط الأفقي في حرف “T” نطاقًا واسعًا من المهارات (متعددة اللغات، والمعرفة التشغيلية) التي يمتلكها عضو الفريق. ويمثل الخط العمودي المعرفة والخبرة العالية في مجال معين. وتمتلك شركة تويوتا ثلاثة قواعد لتطوير موظفين المكاتب والمهندسين. بحيث يتلقى الموظفون خلال العشر سنوات الأولى تدريباً شاملاً على حل المشكلات حتى يتم ترقيتهم إلى منصب مساعد مدير. ثانيا، على الرغم أن التدريب يقوم بتطوير مهارات الموظفين، إلا أن التركيز يجب أن ينصب على التدريب أثناء العمل (On-The-Job OJT). وأخيراً، سيعمل بعض الموظفين الذين تم اختيارهم كمدربين وموجهين في نفس الوقت. (تقرير توتا البيئي والاجتماعي، 2005)
هناك برنامج تدريبي متخصص في شركة تويوتا موجه للعمال ذوي المهارات الأساسية. يتم إجراء التدريب في المصانع، ويتم تصنيفه الى ثلاثة مستويات (من A إلى C) اعتمادًا على مستوى المهارة المكتسبة (تقرير تويوتا البيئي والاجتماعي، 2005؛ شيميزو، 2009). وتحتوي عملية التدريب على إرشادات تشير إلى أن المدربين لن يقوموا بتعليم كل شيء. ولكن، بدلا من ذلك، يعتبر المتدرب نفسه هو محور التدريب (ساروتا، Saruta 2006). ويكتشف المتدرب قواعد ومبادئ نظام إنتاج تويوتا من خلال منهج التعليم كنتيجة لحل المشكلات (بوين وسبر، Spear & Bowen 1999). يقوم البرنامج بإحكام التدريب من خلال التعلم الفردي، والمجموعات الدراسية، واكتساب الخبرة من خلال التطبيق العملي، ومشرفي التدريب (ساروتا، Saruta 2006). ويقوم المتدربين خلال المجموعات الدراسية بمشاركة تجاربهم المختلفة، وتطوير مهارات التواصل والقيادة، وعقلية التعاون، بينما يتناوبون في قيادة النقاش حول المشاكل. (شيميزو، Shimizu 2009؛ ساروتا، Saruta 2006)
يجب على الشركات أثناء هيكلة عملية التدريب النظر في التأثير التعليمي. وهم بحاجة إلى التفكير في العلاقات الإنسانية في مكان العمل (ساروتا، Saruta 2006). بحيث تشكل ميزة الموجهين والمعلمين فرصة تعليمية مزدوجة. لأنها توفر للموجّهين تجربة تعليمية جديدة، بحيث يقدمون النصائح والتعليمات؛ ومنحى تعلُم جديد للعمال المهرة كي يصبحوا قادة أفرقة. ويحتاج نهج بِناء مستوى الصعوبة الخاص بالتجارب إلى مواءمته مع مهارات المتدربين. ففي بداية التدريب، ينفذ المتدرب تجارب ذات عامل واحد (عناصر العمل الفردية)، ثم ينتقل إلى منظور النظام. (سبير، Spear 2004)
من الجوانب الحيوية الأخرى التي يجب على القوى العاملة معرفتها هي أهمية العمل الجماعي. يجب ألا يكون التركيز على العمل الفردي أو الأداء الفردي المتميز. يقدم “أونو” (1978) تشبيهاً قوياً يوضح فيه أهمية العمل الجماعي. يتكون فريق التجديف من ثمانية أعضاء، بحيث يكون هناك أربعة على كل جانب، إذا كان الفريق لا يقوم بالتجديف بانسجام فإن الزورق سيسلك مسارًا متعرجًا. وإذا كان أحد أعضاء الفريق أقوى من الباقي وكان يرغب في إظهار ذلك، فإن الجهد الإضافي سيعيق تقدم القارب. كما أنه سيبعده عن المسار بالتأكيد. للحصول على أفضل نتيجة ممكنة، يحتاج الفريق إلى توزيع القوة بالتساوي، والتجديف بالتساوي، وعلى نفس العمق. يسلط هذا التشبيه الضوء على حاجة الموظفين إلى فهم تدفق العمل ودعم بعضهم البعض كفريق عمل واحد.
لتحقيق أكبر استفادة من العاملين في ثقافة كايزن، يجب أن يتم إنشاء تدفق سيكولوجي/نفسي. لإنشاء هذا التدفق، يجب أن تتناسب المهارات مع النشاط، وأن يتركز الاهتمام، ويتم وضع أهدافًا واضحة، وتلَقي تغذية مرتدة فورية، وأن يكون لديهم إحساس بالسيطرة، وأن يتحرروا من المخاوف الخارجية. هذا التدفق يخلق بدورِه دورة يعيش فيها العامل متعة يستحق تكرارها. ومن ثم يقومون بالمشاركة وبتنفيذ أنشطة كايزن للحصول على المكافأة الذاتية.
يشير “شيغيو شينغو” (1959) إلى أهمية الفهم والإقناع لتطبيق الأفكار الجديدة. ويوضح أن فهم الناس للنظرية لا يضمن عملهم بها؛ وأن الإقناع يتحقق من خلال العاطفة وليس عن طريق العقل، ويوضح الشكل أدناه ذلك. ومن النقاط المهمة التي يوضحها “شينغو” هي أنه عندما تختلف آراء الناس عن رأيك، فإن الاختلاف يكون مع الوسائل وليس الهدف. يجب أن يتذكر الناس أن هناك وسائل متعددة للوصول إلى هدف مشترك.
تعد القوة العاملة ركيزة أساسية لنجاح ثقافة كايزن. ويحتاج المديرون والقادة إلى التشجيع والاحتفاء بالتحسينات الصغيرة اليومية التي يحققها العمال. ويحتاجون إلى غرز عادة التحسين بشكل يومي من خلال سؤال الناس: “ما الجديد اليوم؟”. عندما يتم تبني ثقافة كايزن من قبل القوى العاملة، سيتم وقتها فقط إطلاق العنان للقوة الكاملة وتحقيق أعلى مستوى جديد.