من التحديات الكبرى التي تواجه المؤسسات اليوم، هي إشراك الأفراد للمساهمة في تحسين مكان عملهم. وقد أصدرت شركة جالوب تقريراً عام 2017 أكد أن 85٪ من الموظفين حول العالم ليسوا ملتزمين بوظائفهم أو غير منخرطين بها بشكلٍ نشط. كما أشار التقرير أيضًا إلى أن 69٪ من الأفراد قالوا إنهم سيعملون بجد أكبر في حال تم تقديرهم وتثمين وجودهم بشكلٍ أفضل من قبل مسؤوليهم.
وذلك يثير بعض التساؤلات: ما الذي يتعين على القادة أن يقوموا به لإشراك الأفراد؟ كيف سيدير القادة مشاركة الناس ويحافظوا عليها؟ كيف يمكن الاستفادة من مشاركة الأفراد لتحقيق المصلحة التنظيمية والمنفعة الفردية؟
يتعتين على القادة أن يتبنوا نموذجاً للنمو بحيث يقوموا بشكل روتيني ومنهجي بتعليم وتوجيه وتدريب أولئك الذين يديرونهم ويقدمون التقارير لهم. ويستند هذا النموذج إلى الهيكل التنظيمي المقلوب الذي تم تقديمه لأول مرة مع مفهوم إدارة الجودة الشاملة في أواخر الستينيات، والذي يشار إليه أحيانًا كنموذج القيادة الخادمة. ويضمن هذا النموذج أن المؤسسة تعمل باستمرار على تطوير إمكاناتها وقدراتها على النمو من خلال تحديد الاتجاه والتوقعات للأشخاص العاملين فيها. ويتلخص هدف القائد في تطوير الأفراد على نحوٍ مستمر ومتواصل في وظائفهم الرامية إلى ترسيخ الفهم وتمكين الثقافة التنظيمية. ويعزز نموذج النمو هذا إطار “احترام الأفراد” الذي يركز على تنمية الأفراد من أجل توسيع العمل.
لتمكين نموذج النمو وتنمية فريق وبيئة العمل، فإن المؤسسة بحاجة إلى نظام لإدارة الأفراد من أجل إشراكهم وتدريبهم ودعمهم. ويجب أن يتم تصميم النظام من قبل القادة بطريقة تؤثر على التفكير والسلوك الذي يريدون غرسه في نفوس الأفراد. كما ويجب أن يكون له ممارسة روتينية ذاتية تشرك الأفراد وتذكرهم باستمرار بثقافة المؤسسة وقيمها.
يمر الأفراد عبر 4 مراحل في دورة التعلم. وتتمثل المرحلة الأولى في الوعي بحيث يكون لدى الفرد معرفة وبصيرة محدودة حول المهارة الجديدة. وهي المرحلة التي تتطلب الكثير من الجهد لتطبيق المهارة، وهي المرحلة التي يستسلم فيها معظم الناس ما لم يتم تشجيعهم على الاستمرار.
في المرحلة الثانية، يكتسب الفرد المعرفة ويزداد لديه الوعي بما هو مطلوب لتطوير المهارة. يكتسب الفرد في هذه المرحلة الفهم والخبرة خلال كفاحه لتنمية المهارة الجديدة. ويمكن للأفراد العودة بسهولة إلى العادات القديمة أو الاستسلام إذا كان هناك القليل من التعزيز أو في حال لم يتوفر التعزيز من الأساس. ويمكن أن يكون التعزيز إما إيجابيًا: كالتقدير والإقرار والشكر والإرشاد، أو سلبيًا: كالتوبيخ أو العقاب. وفي حين تعمل التعزيزات الإيجابية والسلبية على حد سواء على التأثير على السلوك، فإن التعزيز الإيجابي يكون أكثر فعالية في ربط الشخص بقيم وفوائد تعلم المهارة. ويعد دور القائد ضرورياً في المرحلتين الأوليين لدعم وتحدي وتدريب الشخص الذي يقوم بتطوير المهارة.
أما المرحلة الثالثة فتتمثل في زيادة مستوى الفهم، فإلى جانب المعرفة والمهارة، يكتسب الفرد الثقة في قدراته ويزيد من خبراته من خلال الممارسة المتكررة بحيث يبدو العمل مألوف لديه ومن ثم يتطور كعادة. وتلك هي اللحظة التي يمكن فيها للقائد التراجع قليلًا وأن يكتفي بالوقوف على التقدم المحرز وطرح الأسئلة وتقييم مستوى الفهم والنتائج. وأخيراً في المرحلة الرابعة، يصل الفرد من خلال تطوير أنماط التفكير إلى مستوى عالٍ من إتقان المهارة بحيث لا يحتاج إلى التفكير للقيام بالشيء ويصبح ذلك أمراً طبيعياً بالنسبة له.
ما هو المقصود بنظام إدارة الأفراد؟
قد تعتقد أنك قمت بالفعل بتطويرها في مؤسستك ولكن نظام إدارة الأفراد ليس مجرد سياسة تدريب أو سياسة تتعلق بالصحة والسلامة أو مجرد نظام إدارة أداء. فهو نظام إدارة أعمال يسعى إلى تنمية الأفراد.
هو نظام يمكّن القادة من الانخراط مع العاملين في مكان عملهم ومعرفة كيف يمكنهم جعله أكثر فعالية. ويتلخص في إيجاد الوقت والمكان لمراقبة سلوك وتفكير الأفراد وتقييم نضج تفكيرهم. ويتم ذلك من خلال طرح الأسئلة والتشجيع على خوض التحدي والتوجيه. ويعمل هذا النهج على تمكين الأفراد في أماكن عملهم ويساعدهم على النمو وتطوير مهارات جديدة بسرعة. ويهدف نظام تنمية الأفراد إلى تطوير العادات وأنماط التفكير الجديدة المطلوبة لتحقيق نتائج أفضل من خلال إشراك القوى العاملة.
ينبغي أن يستند نظام إدارة الأعمال لتنمية الأفراد على إجراءات روتينية منظمة تهدف إلى إشراك الموظفين. وينبغي للنظام أن يساعد المسؤولين على تقييم كيفية تفكير الأفراد لديهم وتطوير عقلية التحسين المستمر. ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا من خلال وجود القادة في مكان العمل أو “جامبا” بحيث يراقبون سير العمل والطريقة التي يطبق بها الأفراد أدوات التحسين لحل المشاكل أو زيادة الأداء.
لقد قمت بتحديد ثمانية أنظمة رئيسية لإدارة أعمال الأفراد والتي ينبغي على القادة اعتمادها وتكييفها مع بنية مؤسستهم للاستفادة من نموذج النمو التنظيمي:
- – إدارة الأداء المرئي
- – حل المشكلات العلمية
- – تنظيم مكان العمل 5S
- – أندون “التصعيد والدعم”
- – العمل الموحد
- – نشر الاستراتيجية “هوشين”
- – ضمان العملية (برنامج الجودة الذاتي)
- – التحسين المستمر “كاتا (KATA)، دورة التحسين المستمر (PDCA)٬ نظام التعلم العلمي”
يتعين على القادة أن يضعوا في اعتبارهم أن أكبر رصيد لهم هم الأفراد العاملين لديهم. وهم بحاجة إلى تطوير أنظمة إدارة الأعمال للأفراد بطريقة تتوافق مع أهداف المؤسسة ورؤيتها وثقافتها ومعتقداتها. وإن القيام بذلك من شأنه أن يعمل على تنمية الأيدي العاملة لديهم لبلوغ الحد الأقصى من الإمكانات المتاحة.
قم بالتواصل معنا لمعرفة المزيد حول أنظمة إدارة أعمال الأفراد وكيف جعلها تعمل بفاعلية لدى مؤسستك.